حلوة يا بلدي
اهلا بك زائرنا الكريم
نتمنى ان تقضى معنا وقتا طيبا و يسعدنا أن تقرر الانضمام لنا لتفيد و تستفيد و نكون على تواصل دائم معك
حلوة يا بلدي
اهلا بك زائرنا الكريم
نتمنى ان تقضى معنا وقتا طيبا و يسعدنا أن تقرر الانضمام لنا لتفيد و تستفيد و نكون على تواصل دائم معك
حلوة يا بلدي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حلوة يا بلدي

نرحب بالجميع من مختلف الاتجاهات الفكرية والخلفيات الدينية على ان يجمعنا حب مصرو يوحد غايتنا <  
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المقاولة ..من الادب التركي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
تصحيح
عضو جديد
عضو جديد



المقاولة ..من الادب التركي Left_bar_bleue50 / 10050 / 100المقاولة ..من الادب التركي Right_bar_bleue

عدد المساهمات : 8
نقاط الاتصال : 24
like : 0
تاريخ التسجيل : 07/02/2012

المقاولة ..من الادب التركي Empty
مُساهمةموضوع: المقاولة ..من الادب التركي   المقاولة ..من الادب التركي Emptyالثلاثاء فبراير 07, 2012 9:42 pm

المقاولة ..من الادب التركي








لا اخفي عليكم انني رجل هادئ الطبع اكثر الاحيان غير انني اتهيج بين حين وآخر لأتفه الاسباب ، وفي ثورة تلك النوبات المزعجة ، اخلق مشاكل عويصة معقدة ، يعود ضرر تسع وتسعين بالمئة منها على نفسي ، من ذلك ان جرت لي هذه الحادثة التي سأسردها عليكم الان .


في الشتاء الماضي حصل بيني وبين زوجتي خلاف تفاقم الى حد مدهش لأمر تافه جدا ، ذلك ان زوجتي خاطت زرا من ازرار قميصي مقلوبا عن هيئته ،فانطلق لساني عليها من عقاله ، ومن سوء الحظ ان حسيبة لم تكن من النوع الذي يحسن السكوت في مثل هذه المواقف ، اذ سرعان ما ردت على اقوالي بأفصح منها ، فاشتطت غضبا وخرجت من فمي كلمة رهيبة ، اذ قلت لزوجتي العزيزة : انت طالق.. اخرجي من داري ،


لكن حسيبة لم تسقط مغمى عليها ، ولم تتهافت على قدميّ متوسلة ، بل قالت بلهجتها المعتادة : انني ممتنة ومسرورة من فراقك ، وعليك ترك الدار لأنني انا صاحبتها .


نهضت على عجل وجمعت حقيبتي وخرجت ،


ولكني قبل ان ابلغ منعطف الزقاق ، ندمت على ما بدر مني ، فقد كانت حركتي طائشة ورديئة ، فما يليق بالشهامة والرجولة ان تترك امرأة ثرية كزوجتي بهذه السهولة ،


رأيت ان من الاوفق ان اعود على عجل وارمم ما حدث قبل ان يستفحل الشق ، فعدت وطرقت الباب ،
فاطلت حسيبة من النافذة وقالت : من هذا ؟ وماذا تريد ؟! ،


فقلت اهدئ من روعها : الظاهر ان الغضب قد اثر عليك كما اثر عليّ ، أفلا تعرفين زوجك يا زوجتي العزيزة ؟


فقالت بلهجة نافرة : واي زوج هذا ؟


انني امرأة مطلّقة يا رجل ، وليست لك بي صلة!
فهيا اذهب لشأنك .. ثم اغلقت النافذة ، وذهبت كل توسلاتي ووعودي ادراج الرياح .


أشغلت حسيبة بالي خمسة عشر يوما ، واخيرا ارسلت لي رسالة مع احد اقاربها تقول : اني مستعدة للزواج منك ثانية ، ولكن بشرط واحد وهو ان توقع الاتفاقية المرسلة اليك ، والا فلا تبحث عني بالمرة.


دعكت عيني المرتعشة من الحيرة والغضب ، وقرات هذه الاتفاقية :


(( ان جعل الاعمال الخارجية التي هي اشبه باللعب منها بالعمل وقفا على الرجل وحده ، وترك الاعمال البيتية كلها للمرأة وحدها ، ظلم اجتماعي لا يحتمل ،وعليه فاني اعتبارا من اعادة زواجي من زوجتي السابقة ، اتعهد بان اقوم بنزح الماء من البئر وكنس الدار والغرف وتنظيف الصحون وغسلها )) .


الحق انني ترددت بادئ ذي بدء عن التوقيع عليها ، ولكني ذكرت غرائب طبائع النساء وسرعة تفشي وتبدل الموضات بينهن ، فحسبت هذه المقاولة نوعا من الموضة الجديدة ، وستنساها حسيبة بعد بضعة ايام ، فأخذت القلم ووقعت على الاتفاقية بإمضائي المعمم الكبير ، وبعد يومين جرى عقد زواجنا من جديد .


لم يكن شهر العسل من زواجنا الثاني كأوله ، لان شروط الاتفاقية كانت قاسية ، وقد شددت واصرت حسيبة على تطبيقها ، فكان لزاما عليّ ان ارتدي المئزر واكنس الغرف ، واخرج الماء من البئر كفتاة شغول وانا بين حانق وساخر من شأني .


مضى اسبوع كامل على ذلك وانا في حالة يائسة ، فقد كانت زوجتي تبدو غير متساهلة بشان تطبيق كل فقرات الاتفاقية المتعسفة ، ولم يكن بدّ من مفاتحتها بالحقيقة ، فقلت لها ذات يوم :


(( اذا استمر الحال على هذا المنوال فلن اعيش اكثر من اسبوع آخر ، فأرجوك ان تقلعي عن هذه الفكرة الطائشة ، واذكري انني اذا متّ ، فستبقين ارملة منسية من بعدي )) .


ولكن حسيبة لم تكن من اللواتي تفهم خطابا او تعي رجاء او تتنازل عن خادم مجاني ارتبط معها بعهد وثيق ، حتى جاء يوم وجدت فيه بصيصا من الرجاء بقرب الخلاص .


كنت انقل الماء من البئر فسقط الدلو فيه قضاء وقدرا ، وكانت زوجتي على مشهد مما وقع ، فجاءت ثائرة حانقة وقالت : (( يا عديم الفائدة ،انك لا تحسن حتى مثل هذه الاعمال التافهة )) ، فازداد حنقي عليها ، وثرت بوجهها وقلت : (( ماذا تحسبينني ؟ أأنا خادمك حقا ؟ أأنا خادم حقيقي ؟ )) ،


فردت على ذلك بابلغ منها ، ودار بيننا كلام عنيف ، اضطرت حسيبة بعد برهة ان تأتي بكلابات حديدية وتصيح بوجهي امرة : (( هيا اخرجه )) ، واهتاج بي عصب العناد ، فقلت : (( لا ، فليس في الاتفاقية فقرة تنص على اخراج الدلو الذي يقع في البئر ))، واصررت ان ابقى حريصا انا الاخر على تطبيق نصوص المقاولة ، فاضطرت هي الى اخراجه بنفسها بعد جهد جهيد وتعب ثلاث ساعات متصلة ،
واستقرت هذه الفكرة اللطيفة في راسي ، فكلما جاء دور اخراج الماء من البئر ، القيت بالدلو في البئر ، ودعوتها الى اخراجه استنادا الى شروط الاتفاقية ، واخيرا استطعت ان املأ قلبها كمدا ومللا فجاءتني في يوم من الايام تمشي على كبرياء لتخفي اندحارها ، وقالت : (( اني اعفيتك من مهمة اخراج الماء من البئر ! )) ، حسنا جدا ، لقد اجتزت احدى الموانع الكبرى من المقاولة الجائرة ،ويجب التخلص من الباقيات … الغسل وكنس الغرف .


وتفتقت فكرة جديدة في راسي ، فاذا جاء دور الكنس ، جمعت اثاث الغرف وجعلت منها كومة كبيرة ، غير ملتفت الى ما يتحطم من الكؤوس والاواني الجميلة والخزفيات التي تعتز بها حسيبة كثيرا ، فاذا جاءت تطلب اعادة كل شئ الى مكانه ، قلت لها باستهزاء : (( ليس في الاتفاقية ما يرغمني على تنضيد الاشياء بعد الكنس)) ،


وهكذا استطعت ان اشطب فقرة الكنس ايضا من المقاولة.


ثم جاء دور غسل الصحون ، كانت حسيبة بعد ان اكملت زينتها والقت عليّ ما شاءت من الاوامر ، قد اخذت مظلتها وذهبت بخيلاء تتأود في نزهة الى الشارع ، الا اني استطعت ان اضع لذلك الغرور الطائش والزهو حدا ، فلم تكد تأتي بعد حين حتى وجدت بانتظارها مشهدا من اروع واحزن المناظر ، ابصرتني واقفا بمئزري امام الدار اغسل بعض الصحون ، غير مبال بما يتحطم منها او ما تلغ به القطط والكلاب ،وقد اجتمع حولي لفيف من الاطفال يضحكون ويمرحون ، ووقف الحارس ذو اللحية الطويلة يقول مستهزئا : (( اقسم بانه ابرع في الغسل من زوجتي )) ، بينما كانت متسولة عجوز تقول متألمة : (( عمى" لعيني زوجتك )) .


رات حسيبة كل هذه المشاهد ، وسمعت ما دار من كلام العابرين ، فتأثرت اشد التأثر ، فجاءت اليّ مؤنبة معاتبة: (( ما هذا يا مراد ؟أفلا تخجل من نفسك ؟ )) ،
فقلت وانا اصطنع الدهشة : (( وما العيب في الامر ؟ وهل في العمل الاعتيادي ما يعيب ؟ )) ،
فقالت : (( طبعا .. انك بهذا العمل تجعلني اضحوكة !)) ،
فقلت : (( اذا كان هذا مخجلا ، فمعنى ذلك ان العيب يقع عليك انت ،لانني اقوم بواجبك ظلما وعدوانا )) ،
فقالت ساخطة : (( الم تر محلا اخر للعمل ؟))،
فقلت لها ببرود : (( اني اغسل كيفما اشاء وحيث اشاء ، فهل في مقاولتك ما يعيّن محل الغسل والخدمة ؟ اني اقوم بعملي حسب حريتي ورغبتي )) .


قالت بادية الحزن: (( اجمع هذه الاشياء ، وارجع بها الى البيت على الاقل ))،
واعتراني زهو مفاجئ لانكسارها ، فمسحت يدي بذيل مئزري ، وقلت بأعصاب هادئة : (( لقد غسلت الصحون ، وقمت بواجبي ، اما ادخالها فلا يعود لي ،وها هي اتفاقيتك ، أفتجدين فيها مثل هذا الامر ؟ )) ،
عادت زوجتي بالصحون عجلة متألمة واخذت المقاولة بين اسنانها ومزقتها اربا اربا في حين كنت اضحك من النتيجة، فقد بلغت حريتي المسلوبة .


وبالطبع لم تكلمني حسيبة بضع ساعات ، وكان اليأس يأكل صدرها ويبدو على وجهها ، وفي منتصف الليل مرت بنوبة اخرى من البكاء ، فاشفقت عليها، فعدت الى جعبة الكلمات المعسولة والالفاظ الرقيقة اهدئ من اعصابها الثائرة ، واعيد الى نفسها الصفاء .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المقاولة ..من الادب التركي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
حلوة يا بلدي :: فى الثقافة و الادب :: مختارات ثقافيه و أدبية-
انتقل الى: